دليل الموارد البشرية لأدوار المستقبل: استراتيجيات تمكين القوى العاملة في عصر التحول

دليل الموارد البشرية لأدوار المستقبل: استراتيجيات تمكين القوى العاملة في عصر التحول

 

دليل الموارد البشرية لأدوار المستقبل: استراتيجيات تمكين القوى العاملة في عصر التحول

دليل الموارد البشرية لأدوار المستقبل: استراتيجيات تمكين القوى العاملة في عصر التحول


الملخص التنفيذي

يشهد عالم العمل تحولاً غير مسبوق، مدفوعاً بقوى عظمى مثل الذكاء الاصطناعي والأتمتة، والتحولات الديموغرافية، والتغيرات الجيواقتصادية، والتوجهات نحو الاستدامة البيئية. هذه القوى لا تعيد تشكيل الأدوار الوظيفية والمهارات المطلوبة فحسب، بل وتفرض تحديات وفرصاً جديدة على أقسام الموارد البشرية. يهدف هذا الدليل إلى تقديم رؤية شاملة للمشهد المتغير للعمل، وتحديد الأدوار الوظيفية والمهارات المستقبلية، ووضع استراتيجيات عملية للموارد البشرية لتمكين القوى العاملة وبناء مرونة تنظيمية. إنه يؤكد على ضرورة التكيف الاستباقي، والنهج المرتكز على الإنسان، والحلول المدعومة بالتكنولوجيا لضمان استعداد القوى العاملة للمستقبل.

المشهد المتطور للعمل: المحركات الرئيسية للتحول

يتأثر سوق العمل العالمي بعمق بعدة اتجاهات كبرى، كل منها يساهم في إعادة تشكيل ديناميكيات التوظيف والمهارات المطلوبة. يشمل ذلك التقدم التكنولوجي، والتحولات الديموغرافية، والتفتت الجيواقتصادي، وعدم اليقين الاقتصادي، والتحول الأخضر.  

الثورة التكنولوجية: حتمية الذكاء الاصطناعي والأتمتة

يُعد تأثير الذكاء الاصطناعي (AI) والأتمتة ومعالجة المعلومات المتقدمة المحرك الأهم للتغيير في سوق العمل العالمي. يتوقع 86% من أصحاب العمل أن تُحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي ومعالجة المعلومات تحولاً في أعمالهم بحلول عام 2030. يشير هذا التوقع الواسع الانتشار إلى أن التحول التكنولوجي ليس مجرد اهتمام متخصص، بل قوة منتشرة تؤثر على كل صناعة ووظيفة تقريباً. من المتوقع أيضاً أن تكون الروبوتات والأتمتة محركاً للتحول بالنسبة لـ 58% من أصحاب العمل.  

إن السرعة الهائلة واتساع نطاق التحول التكنولوجي، لا سيما في الذكاء الاصطناعي ومعالجة المعلومات، غير مسبوقين. لا يتعلق الأمر بتغير بعض الوظائف فحسب، بل بتحول 86% من الشركات بحلول عام 2030. هذا يعني تحولاً نظامياً لا يقتصر على مواقع محددة. يتطلب هذا التحول الشامل من الموارد البشرية أن تجعل التكنولوجيا جزءاً لا يتجزأ من كل جانب من جوانب استراتيجية القوى العاملة، من استقطاب المواهب إلى الثقافة وتجربة الموظف. يتطلب حجم هذا التحول نهجاً شاملاً لإدارة التغيير على مستوى المؤسسة بأكملها، بدلاً من مجرد تنفيذ برامج تدريب معزولة. يتم رفع الدور الاستراتيجي للموارد البشرية لتوجيه المنظمة بأكملها خلال هذا التحول التكنولوجي الواسع.  

يشير الارتفاع الهائل بمقدار ثمانية أضعاف في الاستثمار في الذكاء الاصطناعي التوليدي منذ إطلاق ChatGPT في نوفمبر 2022 إلى تسارع سريع يتجاوز تبني الذكاء الاصطناعي الأولي. هذا الدعم المالي المكثف يدل على إيمان قوي بقوته التحويلية وانتشاره السريع عبر الصناعات. وهذا يشير إلى أن تأثيره على المهام الوظيفية والمهارات سيكون أكثر عمقاً وسرعة مما كان متوقعاً في السابق، مما يتطلب من الموارد البشرية أن تكون مرنة بشكل استثنائي في استجابتها. يجب على الموارد البشرية تطوير قدرة على "استشعار المستقبل"، وتحديد أدوات الذكاء الاصطناعي الناشئة بشكل استباقي وإمكاناتها لتعزيز أو إزاحة المهام، بدلاً من الاعتماد على تقييمات دورية ثابتة.  

التحولات الديموغرافية: شيخوخة القوى العاملة واختلالات المواهب العالمية

يُعد شيخوخة السكان وتراجع أعداد السكان في سن العمل، خاصة في الاقتصادات ذات الدخل المرتفع، وتزايد أعداد السكان في سن العمل في الاقتصادات ذات الدخل المنخفض، من التحولات الديموغرافية الرئيسية التي تعيد تشكيل الاقتصادات وسوق العمل العالمي. على سبيل المثال، تقترب الولايات المتحدة من نهاية الموجة الأولى من نمو السكان في سن العمل، مع توقع انخفاض حصتها إلى حوالي 58% بحلول عام 2100. وبالمثل، من المتوقع أن تنخفض حصة السكان في سن العمل في الاقتصادات المتقدمة والصين من 67% اليوم إلى 59% بحلول عام 2050.  

تساهم هذه التحولات الديموغرافية في نقص القوى العاملة، مما قد يتسارع في المستقبل. لمواجهة هذه التحولات والحفاظ على النمو، ستحتاج المنظمات إلى تطوير استراتيجيات جديدة لزيادة الإنتاجية وكثافة العمالة. وهذا يعني أن التركيز يجب أن ينتقل من مجرد ملء الشواغر إلى تحسين كفاءة وفعالية القوى العاملة الحالية والمستقبلية.  

مع تزايد حصة الموظفين الأكبر سناً في القوى العاملة، ستحتاج الشركات إلى تكييف ممارسات العمل الخاصة بها لاكتساب ميزة تنافسية. وهذا يتضمن إعادة تنظيم فرق العمل، وتشجيع التعلم مدى الحياة، وتوسيع وتعديل برامج إعادة التدريب. إن الاستفادة من الخبرة والمعرفة التي يمتلكها العمال الأكبر سناً أمر بالغ الأهمية، بدلاً من التركيز المفرط على العمال الأصغر سناً. يمكن أن يؤدي دمج الأجيال المختلفة في فرق العمل إلى أداء أفضل، حيث يساهم العمال الأكثر خبرة بالحكمة بينما يجلب الأقل خبرة وجهات نظر جديدة. كما أن الأتمتة يمكن أن تساعد في تقليل العبء البدني على العاملين في المهن الحرفية الماهرة، مما يمكنهم من البقاء في العمل لفترة أطول.  

التفتت الجيواقتصادي وعدم اليقين الاقتصادي

يُعد التفتت الجيواقتصادي وعدم اليقين الاقتصادي من بين الدوافع الرئيسية التي من المتوقع أن تشكل سوق العمل العالمي بحلول عام 2030. في هذا السياق، يتعرض ما يقرب من 40% من العمالة العالمية لتأثير الذكاء الاصطناعي. تواجه الاقتصادات المتقدمة مخاطر أكبر من الذكاء الاصطناعي، ولكن أيضاً فرصاً أكبر للاستفادة من فوائده، مقارنة باقتصادات الأسواق الناشئة والنامية. في الاقتصادات المتقدمة، قد يتأثر حوالي 60% من الوظائف بالذكاء الاصطناعي.  

قد يؤدي الذكاء الاصطناعي إلى تفاقم عدم المساواة بشكل عام، وهو اتجاه مقلق يجب على صانعي السياسات معالجته بشكل استباقي لمنع التكنولوجيا من تأجيج التوترات الاجتماعية. قد نشهد استقطاباً داخل فئات الدخل، حيث يرى العمال الذين يمكنهم الاستفادة من الذكاء الاصطناعي زيادة في إنتاجيتهم وأجورهم، بينما يتخلف أولئك الذين لا يستطيعون ذلك. من الضروري للدول إنشاء شبكات أمان اجتماعي شاملة وتقديم برامج إعادة تدريب للعمال الضعفاء. وهذا يعني أن التخطيط الاستراتيجي للموارد البشرية يجب أن يشمل برامج دعم اجتماعي وتعليمي واسعة النطاق لمواجهة الآثار المحتملة على المساواة، مما يضمن أن التحول التكنولوجي لا يترك قطاعات كبيرة من القوى العاملة وراء الركب.  

يتوقع أكثر من نصف أصحاب العمل (52%) تخصيص حصة أكبر من إيراداتهم للأجور بحلول عام 2030، مع توقع 7% فقط انخفاض هذه الحصة. هذا يشير إلى ضغوط متزايدة على الأجور في سياق التضخم والبحث عن المواهب، مما يتطلب من الموارد البشرية مراجعة استراتيجيات التعويضات والمزايا بانتظام لتبقى تنافسية.  

التحول الأخضر: تغير المناخ والاستدامة

يُعد التخفيف من آثار تغير المناخ ثالث أهم اتجاه تحويلي بشكل عام، والاتجاه الأبرز المتعلق بالتحول الأخضر. بينما يحتل التكيف مع تغير المناخ المرتبة السادسة، حيث يتوقع 47% و 41% من أصحاب العمل، على التوالي، أن تُحدث هذه الاتجاهات تحولاً في أعمالهم في السنوات الخمس المقبلة.  

يمكن أن يؤدي الانتقال المستمر إلى الطاقة البديلة إلى نقص في المتخصصين، بما في ذلك فنيو تركيب الألواح الشمسية والكهربائيون وغيرهم. هذا يبرز الحاجة إلى برامج تدريب وتطوير متخصصة لتلبية متطلبات المهارات الجديدة في القطاعات الخضراء الناشئة.  

المشهد المتطور للمواهب: أدوار المستقبل والمهارات الأساسية

مع تسارع وتيرة التغيير، تتطور الأدوار الوظيفية بسرعة، حيث تظهر وظائف جديدة وتتراجع أخرى. تتغير المهارات المطلوبة أيضاً، مما يجعل التعلم مدى الحياة أمراً حتمياً.

الأدوار الوظيفية الناشئة والمتراجعة

يُقدر المنتدى الاقتصادي العالمي أنه بينما قد تختفي 92 مليون وظيفة، يمكن أن تظهر 170 مليون وظيفة جديدة واعدة بحلول عام 2030. باختصار، الوظائف لا تختفي، بل تتطور. هذا يشير إلى تحول ديناميكي في طبيعة العمل بدلاً من اختفاء شامل للوظائف.  

أسرع الأدوار نمواً (من حيث النسبة المئوية): تتصدر الأدوار المتعلقة بالتكنولوجيا قائمة الوظائف الأسرع نمواً من حيث النسبة المئوية، وتشمل متخصصي البيانات الضخمة، ومهندسي التكنولوجيا المالية، ومتخصصي الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، ومطوري البرمجيات والتطبيقات. من المتوقع أن يشهد متخصصو الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي زيادة بنسبة 40% في فرص العمل بحلول عام 2027، مع زيادات لا تقل عن 30% لأدوار مثل محلل البيانات، ومتخصص البيانات الضخمة، ومحللي أمن المعلومات، مما يضيف ما يقرب من 2.6 مليون وظيفة.  

أكبر نمو (من حيث الحجم المطلق): من المتوقع أن تشهد الأدوار الوظيفية في الخطوط الأمامية أكبر نمو من حيث الحجم المطلق، وتشمل عمال المزارع، وسائقي التوصيل، وعمال البناء، والبائعين، وعمال معالجة الأغذية. هذا يعكس استمرار الحاجة إلى الأدوار التي تتطلب تفاعلاً جسدياً أو وجوداً مادياً، والتي يصعب أتمتتها بالكامل.  

الأدوار المقاومة للذكاء الاصطناعي: لا يزال هناك أمل في بعض الأدوار التي يصعب على الذكاء الاصطناعي منافستها. تشمل هذه الفئات:

  • المهن الحرفية الماهرة: مثل الكهربائيين والسباكين والنجارين، الذين لا يزالون يعتمدون على حل المشكلات المعقدة في العالم الحقيقي.  

  • العمل الإبداعي والقائم على الحكم: مثل الكتاب والفنانين والاستراتيجيين والمصممين، الذين يستخدمون العاطفة ورواية القصص والفروق الدقيقة، وهي مجالات لا يزال الذكاء الاصطناعي يكافح فيها.  

  • الأدوار المتوافقة مع الذكاء الاصطناعي: مثل الوظائف في أخلاقيات الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات والتعلم الآلي، والتي تشهد ازدهاراً وستزداد أهمية.  

الأدوار المتراجعة: من المتوقع أن تشهد وظائف الكتبة والسكرتارية، بما في ذلك أمناء الصندوق وموظفو تذاكر السفر والمساعدون الإداريون والسكرتاريون التنفيذيون، أكبر انخفاض في الأعداد المطلقة. وبالمثل، تتوقع الشركات أن تشمل الأدوار الأسرع تراجعاً موظفي البريد، وصرافين البنوك، وموظفي إدخال البيانات. تُعد هذه الوظائف، بالإضافة إلى أدوار خدمة العملاء، والتصنيع والنقل، والوظائف المكتبية للمبتدئين، معرضة بشكل خاص لسيطرة الذكاء الاصطناعي، نظراً لطبيعتها الروتينية والمتكررة.  

يُعد تأثير الذكاء الاصطناعي على الوظائف عالية المهارة سمة مميزة للتحول الحالي. في الاقتصادات المتقدمة، قد يتأثر حوالي 60% من الوظائف بالذكاء الاصطناعي، حيث قد يستفيد ما يقرب من نصف الوظائف المعرضة للخطر من تكامل الذكاء الاصطناعي، مما يعزز الإنتاجية. أما النصف الآخر، فقد ينفذ الذكاء الاصطناعي مهام رئيسية يؤديها البشر حالياً، مما قد يقلل من الطلب على العمالة ويؤدي إلى انخفاض الأجور وتقليل التوظيف. في الحالات القصوى، قد تختفي بعض هذه الوظائف. هذا يوضح أن الذكاء الاصطناعي ليس مجرد تهديد للوظائف الروتينية، بل هو قوة تحويلية تؤثر على جميع مستويات المهارة، مما يستلزم إعادة تقييم شاملة للمسارات المهنية.  

المهارات الحرجة للقوى العاملة المستقبلية

في المتوسط، يتوقع العمال أن يتم تحويل أو تقادم خُمس (39%) من مجموعات مهاراتهم الحالية خلال الفترة 2025-2030. هذا يؤكد على الحاجة الملحة للتعلم المستمر والتكيف.  

المهارات الأساسية: يظل التفكير التحليلي المهارة الأساسية الأكثر طلباً بين أصحاب العمل، حيث تعتبر سبع من كل عشر شركات هذه المهارة ضرورية في عام 2025. يليه المرونة والقدرة على التكيف، بالإضافة إلى القيادة والتأثير الاجتماعي.  

أسرع المهارات نمواً: يتصدر الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة قائمة المهارات الأسرع نمواً، يليهما عن كثب الشبكات والأمن السيبراني، بالإضافة إلى المعرفة التكنولوجية.  

المهارات البشرية التكميلية: تُعد المهارات البشرية، التي لا يمكن للآلات تكرارها، ذات أهمية متزايدة. تكمل هذه المهارات التكنولوجية، مثل التفكير الإبداعي، والمرونة والقدرة على التكيف، إلى جانب الفضول والتعلم مدى الحياة، ومن المتوقع أن تستمر في الارتفاع في الأهمية خلال الفترة 2025-2030. لا يمكن المبالغة في تقدير قيمة المهارات البشرية مثل الذكاء العاطفي والإبداع والتعاون. كما أن الاحترافية أو أخلاقيات العمل، والتواصل الشفهي والكتابي، ومهارات العمل الجماعي والتعاون، والتفكير النقدي أو مهارات حل المشكلات، تُعد أساسية لنجاح الشباب في مكان العمل في القرن الحادي والعشرين.  

تقادم المهارات وضرورة إعادة التأهيل: يشير تقادم 39% من مجموعات المهارات الحالية بحلول 2025-2030 إلى أن التعلم المستمر لم يعد مجرد ميزة، بل ضرورة للبقاء في سوق العمل. قد يكون هذا بسبب تزايد نسبة العمال (50%) الذين أكملوا تدريباً أو إعادة تأهيل أو رفع مستوى المهارات، مقارنة بـ 41% في تقرير عام 2023. يخطط 85% من أصحاب العمل لإعطاء الأولوية لرفع مستوى مهارات القوى العاملة لديهم، ويحدد 63% منهم فجوات المهارات كحاجز أساسي أمام تحول الأعمال. هذا يؤكد على أن الاستثمار في التعلم والتطوير هو استثمار في القدرة التنافسية للمنظمة.  

فجوة الخبرة: يقول ثلثا (66%) المديرين التنفيذيين في استطلاع ديلويت لاتجاهات رأس المال البشري العالمية لعام 2025 إن معظم التعيينات الأخيرة لم تكن مستعدة تماماً، وكانت الخبرة هي الفشل الأكثر شيوعاً. وقد زاد 61% من أصحاب العمل متطلبات الخبرة في السنوات الثلاث الماضية. هذا يشير إلى أن المنظمات لا تبحث فقط عن مهارات محددة، بل عن القدرة البشرية على التكيف التي تتطور مع الخبرة. لسد هذه الفجوة، يجب على المنظمات تصميم الأدوار بمسارات تطويرية واضحة، وتجنب الأدوار للمبتدئين التي تتكون فقط من مهام غير مرغوب فيها أو تفتقر إلى فرص التقدم الواضحة. كما أن بناء فرق عمل تتكون من أفراد ذوي أنواع ودرجات متفاوتة من الخبرة يمكن أن يكون فعالاً، حيث يساهم العمال الأكثر خبرة بالحكمة ويجلب الأقل خبرة وجهات نظر جديدة.  

ضرورات الموارد البشرية الاستراتيجية: بناء قوة عاملة جاهزة للمستقبل

في ظل هذا التحول السريع، يجب على أقسام الموارد البشرية أن تتجاوز الأدوار التقليدية لتصبح شريكاً استراتيجياً في قيادة التغيير التنظيمي.

التخطيط الاستراتيجي للقوى العاملة والتحليلات

يتضمن التخطيط الاستراتيجي للقوى العاملة تحليل القوى العاملة الحالية والمهارات المطلوبة، وتوقع احتياجات المواهب المستقبلية، وتقييم الفجوات بين القوى العاملة الحالية والاحتياجات المستقبلية للمنظمة. يجب أن يكون هذا التخطيط ديناميكياً ومستمراً، ويركز على المهارات بدلاً من الوظائف، ويكون جاهزاً للتعامل مع السيناريوهات المختلفة.  

اتخاذ القرارات القائمة على البيانات: يُعد الذكاء الاصطناعي أحد التقنيات الرئيسية التي تحول تخطيط القوى العاملة من عملية تفاعلية إلى علم تنبؤي. توفر تحليلات الموارد البشرية المدعومة بالذكاء الاصطناعي رؤى في الوقت الفعلي، مما يمكّن المتخصصين في الموارد البشرية من اتخاذ قرارات مستنيرة وفي الوقت المناسب. يمكن للمنظمات استخدام التحليلات التنبؤية، وتنقيب البيانات، والتعلم الآلي لاتخاذ قرارات مستنيرة بشأن إدارة المواهب، وأداء الموظفين، واستراتيجيات الاحتفاظ بهم. يمكن لهذه الأنظمة أن تقترح مسارات رفع مستوى المهارات ذات الصلة وتُعلم قرارات السياسة، متجاوزة البيانات العامة إلى رؤى قابلة للتنفيذ للأفراد والتخطيط الاستراتيجي للقوى العاملة.  

يعمل الذكاء الاصطناعي على أتمتة المهام والعمليات المتكررة، مما يحرر الموارد البشرية للقيام بالعمل الإبداعي والمبادرات الاستراتيجية. تسجل المنظمات التي تستخدم تحليلات الموارد البشرية المدعومة بالذكاء الاصي زيادة في مستويات رضا الموظفين، وانخفاض معدلات التسرب، وزيادة الإنتاجية. يمكن لتحليلات الذكاء الاصطناعي التنبؤ بمعدلات دوران الموظفين، وتحديد القادة المحتملين، وفهم العوامل التي تؤثر على مشاركة الموظفين. هذا يعني أن الذكاء الاصطناعي لا يقلل فقط من العبء الإداري، بل يوفر رؤى استراتيجية عميقة تمكن الموارد البشرية من اتخاذ قرارات أكثر ذكاءً واستباقية.  

التخطيط القائم على المهارات: يجب أن يتحول التخطيط من التركيز على الوظائف إلى التركيز على المهارات. لا توفر المسميات الوظيفية رؤى حول ما يفعله الموظفون بالفعل، بينما توفر المهارات ذلك. يتضمن ذلك تحديد المهارات التي تمتلكها القوى العاملة حالياً ومقارنتها بالمهارات المطلوبة للأدوار المستقبلية. هذا النهج يضمن أن المنظمة تستثمر في تطوير القدرات الحقيقية التي ستحتاجها في بيئة عمل متغيرة باستمرار.  

تطوير المواهب: رفع مستوى المهارات، وإعادة التأهيل، والتنقل الداخلي

يُعد الاستثمار في تطوير المواهب أمراً بالغ الأهمية لضمان جاهزية القوى العاملة للمستقبل.

حتمية التعلم مدى الحياة: يُعد رفع مستوى المهارات وإعادة تأهيلها مكونات أساسية لإعداد القوى العاملة لمهارات المستقبل. يخطط 85% من أصحاب العمل لإعطاء الأولوية لرفع مستوى المهارات الداخلية. ويفضل 76% من الموظفين البقاء في الشركات التي تقدم تدريباً مستمراً. هذا يؤكد على أن فرص التعلم والتطوير ليست مجرد ميزة، بل عامل حاسم للاحتفاظ بالموظفين وزيادة ولائهم.  

رفع مستوى المهارات مقابل إعادة التأهيل: يصف رفع مستوى المهارات عملية البناء على المهارات والمعرفة الحالية للتقدم أو اكتساب الثقة في الوظيفة أو المهنة الحالية. بينما تصف إعادة التأهيل عملية تطوير مهارات ومعارف جديدة للانتقال إلى وظيفة أو مهنة جديدة. كلاهما ضروريان للقوى العاملة المستقبلية، حيث تتيح برامج رفع مستوى المهارات للموظفين تعميق قدراتهم في أدوارهم الحالية، بينما تتيح برامج إعادة التأهيل الانتقال إلى مجالات وظيفية مختلفة تماماً.  

التعلم المخصص وبناء الخبرة: يزداد تفاعل الموظفين عندما تُمنح لهم تجارب تعليمية فردية تستند إلى وظائفهم وتفضيلاتهم وأهدافهم المهنية. يمكن للمنظمات توفير "فرص دقيقة" لتطوير الحكم من خلال بيئات محكومة حيث يمكن للعمال الأقل خبرة اتخاذ القرارات وممارسة الحكم، مثل أسواق المواهب والساحات الرقمية (بيئات رقمية آمنة يمكن للأشخاص ممارستها واللعب فيها). يجب تصميم الأدوار الفردية مع وضع المسارات التنموية في الاعتبار، وتجنب إنشاء أدوار للمبتدئين تتكون فقط من المهام غير المرغوب فيها أو التي تفتقر إلى فرص التقدم الواضحة. هذا يضمن أن التعلم ذو صلة ومطبق في سياق العمل الفعلي، مما يعزز اكتساب الخبرة العملية.  

التنقل الداخلي كرافعة استراتيجية: يشير التنقل الداخلي إلى حركة الموظفين داخل المنظمة، بما في ذلك الترقيات، والنقل الجانبي، والمهام المؤقتة، والعمل القائم على المشاريع. يقلل التنقل الداخلي من تكاليف التوظيف، ويحتفظ بالمعرفة المؤسسية، ويعزز مشاركة الموظفين، ويحسن التنوع والشمول، ويساعد في التخطيط للخلافة. عندما تعطي المنظمات الأولوية للتنقل الداخلي، يشعر الموظفون بالتقدير والتحفيز، ويرون مسارات واضحة للتقدم الوظيفي داخل الشركة. هذا يخلق ثقافة التعلم المستمر والقدرة على التكيف.  

التحديات في تطوير المواهب: تتمثل أحد أكبر التحديات في إعداد الأفراد والمنظمات للوظائف المستقبلية في عدم اليقين بشأن ماهية تلك الوظائف. تساهم التحولات السريعة في التكنولوجيا في تقصير عمر المهارات، مما يشير إلى أن التعليم قد يفيد المزيد من العاملين في منتصف حياتهم المهنية. في حين أنه من السهل نسبياً التدريب على مهارة معينة، فمن الصعب تدريب الإنسان على أن يكون شديد التكيف. هذا يتطلب من الموارد البشرية التركيز على تطوير القدرات الأساسية مثل المرونة والتعلم السريع، بدلاً من مجرد المهارات التقنية المحددة.  

استقطاب المواهب: مدفوع بالذكاء الاصطناعي ومرتكز على الإنسان

لقد أحدث دمج الذكاء الاصطناعي في عملية التوظيف تحولاً في ممارسات التوظيف التقليدية، مما جعلها أسرع وأكثر ذكاءً وكفاءة.  

تبني الذكاء الاصطناعي الاستراتيجي: لقد أدى الذكاء الاصطناعي إلى تحسين التوظيف من خلال التعامل مع المهام المتكررة التي تستغرق وقتاً طويلاً مثل فحص السير الذاتية، وتحديد مصادر المرشحين، وجدولة المقابلات. كما أنه يعزز مطابقة المرشحين، ويقلل من التحيز اللاواعي في عملية التوظيف، ويساعد على تعزيز التنوع والشمول. لقد تحول التركيز في عام 2025 من "الذكاء الاصطناعي التجريبي" إلى "الذكاء الاصطناعي الاستراتيجي". وهذا يعني أن المنظمات لم تعد تختبر هذه الأدوات فحسب، بل تدمجها بشكل منهجي في استراتيجياتها الأساسية.  

يُرجح أن يكمل الذكاء الاصطناعي العمال البشريين بدلاً من استبدالهم. يجب أن تركز تطبيقات الذكاء الاصطناعي الناجحة على أتمتة المهام ذات الحجم الكبير والتكرارية، ومعايير القرار الواضحة، والتعقيد المنخفض، والمتطلبات المحدودة للذكاء العاطفي. يجب أن يظل البشر يركزون على الجوانب ذات القيمة العالية والحكم العالي في التوظيف: بناء العلاقات، وتقييم التوافق الثقافي، واتخاذ قرارات التوظيف النهائية. هذا يضمن الاستفادة القصوى من كفاءة الذكاء الاصطناعي مع الحفاظ على اللمسة البشرية الضرورية في عمليات التوظيف.  

الذكاء الاصطناعي الأخلاقي في التوظيف: مع تزايد دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في مكان العمل، يدعو الموظفون إلى الشفافية والاعتبارات الأخلاقية في نشرها. يجب على المنظمات إشراك الموظفين في صياغة سياسات واستراتيجيات الذكاء الاصطناعي التي تتماشى مع القيم المشتركة. يجب إجراء عمليات تدقيق منتظمة للتحيز والعدالة، مع إشراف بشري. يجب إبلاغ المتقدمين للوظائف بشفافية باستخدام الذكاء الاصطناعي، وبضرورة تحديث معلوماتهم. هذا يضمن استخدام الذكاء الاصطناعي بطريقة عادلة ومسؤولة، مما يبني الثقة ويقلل من المخاطر.  

العمل عن بعد ومجمعات المواهب العالمية: تسيطر الوظائف عن بعد على قوائم التوظيف. تُعد وظائف "العمل من أي مكان" (WFA) نادرة ومطلوبة بشدة، وتمثل 5% فقط من إجمالي القوائم في الربع الثاني من عام 2025، لكنها تظل الأكثر تنافسية. لقد سمح العمل عن بعد للشركات الصغيرة بتوسيع نطاق التوظيف بما يتجاوز المجمعات المحلية والوصول إلى المواهب العالمية. وهذا يتيح بناء فرق عمل موزعة وهياكل تنظيمية أكثر مرونة. هذا التوسع الجغرافي في البحث عن المواهب يتطلب من الموارد البشرية تطوير استراتيجيات توظيف عالمية وإدارة فرق عمل موزعة بفعالية.  

تجربة الموظف، الرفاهية، والثقافة

تُعد تجربة الموظف الشاملة، التي تتجاوز مجرد التعويضات، أمراً بالغ الأهمية للاحتفاظ بالمواهب وتعزيز الإنتاجية.

الرفاهية الشاملة: تركز استراتيجيات الموارد البشرية الحديثة على الرفاهية الشاملة للموظفين، بما في ذلك الرفاهية المالية والجسدية والعقلية والمهنية. يشعر 81% من الموظفين بالتوتر. وكان 82% من الموظفين معرضين لخطر الإرهاق في عام 2024. هذا يسلط الضوء على الحاجة الملحة لبرامج دعم شاملة تتجاوز التأمين الصحي التقليدي.  

نماذج العمل المرنة: تُعد ترتيبات العمل المرنة (العمل عن بعد، الجداول الهجينة، أسابيع العمل المضغوطة) مرغوبة من قبل ما يقرب من 95% من العمال. لقد أصبحت هذه النماذج حجر الزاوية في القوى العاملة الحديثة. وهذا يعني أن الموارد البشرية يجب أن تتبنى سياسات تدعم ترتيبات العمل المتنوعة لتعزيز المشاركة والإنتاجية.  

الثقافة الموجهة نحو الهدف: يتخذ الموظفون بشكل متزايد قراراتهم بناءً على ما إذا كان عملهم يتماشى مع قيمهم واهتماماتهم وشعورهم بالاستقلالية. يجب على أصحاب العمل الانخراط مع عمالهم كـ "مشاركين في الإبداع" وتزويدهم بصوت ذي معنى في التنفيذ المشترك لمهمة الشركة. هذا يتطلب تحولاً من عقلية "الشركة كعائلة" إلى شراكة موجهة نحو الهدف، حيث يكون الموظفون جزءاً لا يتجزأ من صياغة مهمة الشركة.  

مبادرات التنوع والإنصاف والشمول (DEI): لا يزال تبني مبادرات التنوع والإنصاف والشمول في ازدياد. يتم تسليط الضوء على إمكانية توسيع توافر المواهب من خلال الاستفادة من مجمعات المواهب المتنوعة من قبل أربعة أضعاف أصحاب العمل (47%) مقارنة بسنتين مضتا (10%). تُعد مبادرات التنوع والإنصاف والشمول مفتاحاً لثقافة تنظيمية صحية تجذب أفضل المواهب المتاحة، حيث يقول 76% من الباحثين عن عمل والموظفين إن التنوع عامل رئيسي عند تقييم المنظمة.  

فوائد رفاهية الموظفين: تُعزز برامج المزايا المصممة جيداً الرفاهية الشاملة للموظفين، مما يؤدي إلى تحسين الإنتاجية والمشاركة والاحتفاظ. يمكن أن ينخفض الإرهاق بنسبة 30% مع برامج الرفاهية التي يقودها الذكاء الاصطناعي. كما أن تعزيز مشاركة الموظفين يقلل من التغيب بنسبة 78% ويزيد من الربحية بنسبة 23%. هذا يوضح أن الاستثمار في رفاهية الموظفين ليس مجرد نفقات، بل استثمار استراتيجي يعود بفوائد ملموسة على الأداء التنظيمي.  

دور الموارد البشرية في الثقافة والمشاركة: تلعب الموارد البشرية دوراً حيوياً في بناء ثقافة تنظيمية قوية ومرنة. يتضمن ذلك تحديد القيم والمعايير الأساسية للمنظمة، ودمجها في عمليات التوظيف والتأهيل. يجب على الموارد البشرية إنشاء قنوات للتغذية الراجعة، وتنفيذ برامج تقدير الموظفين، وخلق فرص للنمو والتطوير. كما أن تعزيز ثقافة المرونة يتطلب من الموارد البشرية التركيز على رفاهية الموظفين، وتقديم الدعم خلال الأوقات الصعبة، وتعزيز ثقافة التواصل المفتوح والتعاون.  

إدارة الأداء في عصر الذكاء الاصطناعي

يُحدث الذكاء الاصطناعي تحولاً في إدارة الأداء إلى عملية أكثر ديناميكية وذات تأثير عالٍ، مدعومة بالبيانات في الوقت الفعلي. إنه يعمل على أتمتة المهام الروتينية، ويزيل التحيز، ويكشف عن رؤى قابلة للتنفيذ.  

تعزيز التغذية الراجعة والتدريب: يوفر الذكاء الاصطناعي رؤى موضوعية واقتراحات مخصصة لتحسين الأداء. يساعد الذكاء الاصطناعي المديرين على مكافحة التحيز الحديث، والتحيز التقاربي، وتأثير الهالة/القرون الذي يمكن أن يؤثر على مراجعات الأداء. يحتاج 2 من كل 3 مديرين إلى المزيد من الدعم لإدارة الأداء بفعالية، ويمكّن الذكاء الاصطناعي المديرين من تحويل تركيزهم من الأعباء الإدارية إلى التدريب الهادف وخطط التطوير الشخصية. هذا يعني أن الذكاء الاصطناعي يعزز القدرات البشرية للمديرين بدلاً من استبدالها، مما يجعلهم أكثر فعالية في دعم فرقهم.  

التتبع في الوقت الفعلي والتحليلات التنبؤية: تستخدم 70% من الشركات الذكاء الاصطناعي للتتبع في الوقت الفعلي للأداء. يمكن للذكاء الاصطناعي التنبؤ بمستويات الرضا، وتوقع اتجاهات القوى العاملة بدقة تصل إلى 90%. هذا يوفر للموارد البشرية رؤية استباقية للمشكلات المحتملة، مما يسمح بالتدخل المبكر.  

التعاون بين الإنسان والذكاء الاصطناعي: يجب أن تظل محادثات الأداء بقيادة بشرية، ومُعلمة بالذكاء الاصطناعي. يجب عدم أتمتة التعاطف؛ بل يجب استضافة جلسات تسجيل دخول وتغذية راجعة حقيقية. يجب أن يركز الذكاء الاصطناعي على رفاهية الموظفين وتطويرهم، وليس على الإدارة الدقيقة. هذا يضمن الحفاظ على العنصر البشري الأساسي في إدارة الأداء، مع الاستفادة من كفاءة الذكاء الاصطناعي.  

هياكل تنظيمية أكثر تسطحاً: تتوقع غارتنر أنه بحلول عام 2026، ستستخدم 20% من الشركات الذكاء الاصطناعي لخفض أكثر من نصف أدوار الإدارة الوسطى. ستتم أتمتة المهام الروتينية مثل الجدولة وإعداد التقارير وتتبع الأداء بالكامل، مما يحرر المديرين للتركيز على الابتكار والاستراتيجية ونمو الفريق. هذا يتطلب من الموارد البشرية إعادة تعريف أدوار المديرين وتدريبهم على الكفاءات الجديدة المطلوبة في بيئة عمل أكثر تسطحاً.  

تقنيات الموارد البشرية المتقدمة والاعتبارات الأخلاقية

تُحدث التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي تحولاً في الابتكار في الموارد البشرية، مما يُمكّن نماذج العمل المرنة من خلال الأنظمة الذكية والاتصال الرقمي.  

تحول تقنيات الموارد البشرية: تُؤتمت المهام الروتينية، وتُصبح إدارة التوظيف والأداء أكثر اعتماداً على البيانات، وتُمكن التحليلات التنبؤية من اتخاذ القرارات الاستباقية، وتُصمم تجارب الموظفين بشكل متزايد لتلبية الاحتياجات الفردية.  

الاتجاهات الرئيسية في تقنيات الموارد البشرية: تشمل الاتجاهات الرئيسية في تقنيات الموارد البشرية لعام 2025: حوكمة وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي، ومنصات الموارد البشرية القابلة للتكوين والوحداتية، وتجارب الموظفين شديدة التخصيص، وأدوات الرفاهية الرقمية والوقاية من الإرهاق، وتقنيات الموارد البشرية المستدامة.  

حوكمة وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي: هناك ضغط متزايد لتطبيق أدوات الذكاء الاصطناعي بمسؤولية، خاصة في المجالات التي تتضمن بيانات الموظفين الحساسة. يرغب الموظفون في التأكد من أن خدمات الذكاء الاصطناعي عادلة وغير متحيزة وآمنة. يجب على قادة الموارد البشرية إشراك الموظفين في صياغة سياسات واستراتيجيات الذكاء الاصطناعي التي تتماشى مع القيم المشتركة، وإنشاء آليات للموظفين للتعبير عن المخاوف وتقديم الملاحظات حول استثمارات الذكاء الاصطناعي. يجب أن تكون المنظمات شفافة مع الموظفين حول كيفية استخدام البيانات. هذا يضمن بناء الثقة وتقليل المخاطر القانونية والأخلاقية.  

منصات الموارد البشرية القابلة للتكوين: لقد شعرت المنظمات بالإحباط من الأنظمة الجامدة وغير القابلة للتطوير التي لم تسمح للموارد البشرية بفعل المزيد بموارد أقل، وكانت ترغب في عائد أفضل على الاستثمار وكفاءة أكبر ورضا أكبر للموظفين. توفر المنصات القابلة للتكوين مساراً أفضل، حيث يمكن لفرق الموارد البشرية الآن بناء أنظمة دعم موظفين مخصصة، واختيار أفضل الأدوات ودمجها من خلال بنية مفتوحة. هذا يتيح للموارد البشرية تكييف حلولها لتلبية احتياجاتها المحددة، بدلاً من التكيف مع قيود النظام.  

الخلاصة والتوصيات لقادة الموارد البشرية

إن مشهد العمل يتطور بوتيرة غير مسبوقة، مدفوعاً بالذكاء الاصطناعي والتحولات الديموغرافية والضغوط الاقتصادية. لقد أصبحت الموارد البشرية في طليعة هذا التحول، مع دور حاسم في توجيه المنظمات والقوى العاملة نحو مستقبل مرن ومزدهر.

توصيات رئيسية لقادة الموارد البشرية:

  1. تبني التخطيط الاستراتيجي للقوى العاملة القائم على البيانات:

    • الاستثمار في تحليلات الموارد البشرية المدعومة بالذكاء الاصطناعي: استخدم التحليلات التنبؤية لتوقع احتياجات المواهب المستقبلية، وتحديد فجوات المهارات، وتحسين عمليات التوظيف والاحتفاظ. هذا التحول من التخطيط التفاعلي إلى التخطيط التنبؤي أمر بالغ الأهمية.

    • التحول إلى التخطيط القائم على المهارات: تجاوز المسميات الوظيفية وركز على المهارات الفعلية التي يمتلكها الموظفون والتي ستحتاجها المنظمة في المستقبل. قم بإجراء عمليات تدقيق منتظمة للمهارات لتحديد الفجوات وتوجيه جهود التطوير.

  2. إعطاء الأولوية للتعلم مدى الحياة والتنقل الداخلي:

    • تطوير برامج شاملة لرفع مستوى المهارات وإعادة التأهيل: استثمر في برامج التعلم المخصصة التي تلبي الاحتياجات الفردية والأهداف المهنية. يجب أن تكون هذه البرامج مرنة ومتاحة، وتستهدف تطوير المهارات التقنية والبشرية على حد سواء.

    • تعزيز ثقافة التنقل الداخلي: أنشئ مسارات وظيفية واضحة وفرصاً للموظفين للانتقال بين الأدوار والأقسام. هذا لا يقلل من تكاليف التوظيف فحسب، بل يحتفظ بالمعرفة المؤسسية ويعزز مشاركة الموظفين وتنوعهم.

  3. دمج الذكاء الاصطناعي في استقطاب المواهب وإدارة الأداء بمسؤولية:

    • الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لتحسين الكفاءة والحيادية: استخدم أدوات الذكاء الاصطناعي لأتمتة المهام المتكررة في التوظيف وإدارة الأداء، مثل فحص السير الذاتية وتتبع الأداء.

    • الحفاظ على اللمسة البشرية والاعتبارات الأخلاقية: تأكد من أن الذكاء الاصطناعي يكمل الحكم البشري بدلاً من استبداله. ضع سياسات واضحة لحوكمة الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك عمليات التدقيق المنتظمة للتحيز والشفافية مع الموظفين حول كيفية استخدام التكنولوجيا. يجب أن تظل المحادثات المتعلقة بالأداء بقيادة بشرية، ومُعلمة بالذكاء الاصطناعي.

  4. تعزيز تجربة الموظف الشاملة والرفاهية:

    • تبني نماذج عمل مرنة: دعم ترتيبات العمل الهجينة والعمل عن بعد لتلبية تفضيلات الموظفين المتطورة وتعزيز التوازن بين العمل والحياة.

    • التركيز على الرفاهية الشاملة: تطوير برامج شاملة تركز على الرفاهية الجسدية والعقلية والمالية والمهنية للموظفين. هذا يقلل من الإرهاق ويزيد من الإنتاجية والاحتفاظ.

    • بناء ثقافة موجهة نحو الهدف والتنوع والشمول: إشراك الموظفين في صياغة مهمة الشركة وقيمها. تعزيز بيئة شاملة حيث يشعر الجميع بالتقدير والانتماء.

  5. الاستفادة من تقنيات الموارد البشرية المتقدمة:

    • تبني منصات الموارد البشرية القابلة للتكوين: اختر الأنظمة التي توفر المرونة والتكامل، مما يسمح للموارد البشرية ببناء حلول مخصصة تلبي احتياجاتها المحددة.

    • التعامل مع أخلاقيات الذكاء الاصطناعي وحوكمته: وضع أطر قوية لضمان الاستخدام المسؤول والأخلاقي لتقنيات الذكاء الاصطناعي في جميع وظائف الموارد البشرية.

من خلال تبني هذه الاستراتيجيات، يمكن لقادة الموارد البشرية تحويل أقسامهم إلى محركات استراتيجية للنمو، وتمكين القوى العاملة للتكيف والازدهار في عصر التحول المستمر. إن المستقبل ليس شيئاً ننتظره، بل هو شيء نشكله من خلال قراراتنا وإجراءاتنا اليوم.

تعليقات